بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب ...
بات الطين في هذه الآيام يشدنا الى الأرض أكثر من أي وقت مضى، و ها هي المادة تطغى على كل شيء، و يعلو صوتها فوق كل صوت، فالكل مهرول الى مصلحته لا يهتم من يدوس في الطريق، ها هو ظلام المادة يلفنا فنعيش في ظلام دامس، فلم نعد نرى الا الاموال و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة، لم نعد نرى وسط هذا الظلام الا المناصب و المراتب، و غابت عن عيوننا المعالي و المبادئ و صارت بضاعة قديمة لا تجد لها زبونا.
أخي الحبيب...
وسط هذا الظلام الدامس أراك بصيصا من نور، أو شعلة من أمل، تضيء بعضا من الطريق، و وسط هذا البحر الهائج المائج أراك قاربا أو طوق نجاة، نعم أخي الحبيب أسمعك تقول أننا غرباء و أن هكذا يكون الأحرار في دنيا العبيد، تشدني كلماتك بعيدا عن الطين و تسمو بي الى أعالي السماء، و تشد يدك على يدي فيربط الله على قلوبنا فتتلاشى الأرقام و الحسابات و المصالح و تغدوا كلها أصفارا أمام عظمة هذه النعمة الجليلة، هذه النعمة التي لو أنفقت ما في الأرض ما ألفت بينهم و لكن الله ألف بينهم، فجزاك الله خيرا يا أخي.